مرحبا يا أصدقاء
في هذه التدوينة وما يليها، سأشارك بعضًا من المحتوى الذي أكتبه في النشرة الأسبوعية للحديث بقية.
يرجى ملاحظة أن المحتوى المنشور هنا يكون أقل تفصيلًا، وهناك أيضًا فرق زمني بين ما يُنشر على الموقع وما يُرسل عبر البريد. يعود ذلك لانشغالي أحيانًا، ولأنني أحاول إعطاء أولوية أكبر للنشرة البريدية من حيث التوقيت والمحتوى.
إذا رغبت بالاشتراك في النشرة والحصول على الرسائل أولًا بأول، يمكنك فعل ذلك من خلال الرابط في أسفل الصفحة.
أهلاً بك من جديد.
تعدد المواهب والاهتمامات
قبل ١١ عاما سنوات التقيت المصمم الشهير مايكل بيروت في مؤتمر التصميم What Design Can Do السنوي في امستردام وطلبت منه بعد ان عرفته بنفسي ان يهديني نصيحة لشيء تمنى ان يفعله في ماضيه ولم يفعل؟
"إذا كان يمكنك فعل أكثر من شيء فلا تضيع عمرك في فعل شيء واحد فقط".
كان لتلك النصيحة وقعها علي وظلت ترن في رأسي لفترة حيث اني كنت اعتقد في مرحلة معينة ان ادع التصوير جانبا وان لا اغرق في الرسم اكثر من ما يحتاجه عملي كمصمم. مع الوقت بدأ ايماني يزيد بموضوع تعدد المهارات وهذا لايقلل من اهمية المتخصصين حد الغرق في مجال واحد (بدونهم تصبح الحياة مستحيلة).
*بالمناسبة ايضا وبقدر ايماني بأهمية تعدد المهارات اؤمن بأن "تعدد المواهب فخ" وقليلون من ينجون منه. حولنا كثير من المبدعين والناجحين الذين عاشوا وعملوا باتجاهات خطية بينما يغرق باستمرار كثير من الموهبين في شبكة لا منتهية من المشتتات.
وبعيدًا عن عالم العمل، بدأت ألاحظ مع الوقت أن الأشخاص الذين ننجذب إليهم اجتماعيًا، والذين نصنع معهم علاقات أعمق، غالبًا ما يكونون ممن تتعدّد اهتماماتهم. اولئك الذين فضولهم حيّ بالداخل، ومحادثتهم تخلق حيوية ممتعة، من لديهم أرواح مرنة قادرة على مشاركة أنواع مختلفة من اللحظات.
الناس الذين يحبون الموسيقى والسينما، قد يقرأون أحيانًا في الفلسفة أو يمارسون هواية كصناعة الفخار أو العزف على آلة معينة. الحديث معهم لا ينضب و لا يملّون.
مقتطفات حول الارتحال والهروب
مررت لأول مرة على الكتاب الشهير رسائل من المنفى لسينيكا، كتاب مليء بالحكمة والعجيب انه ورغم ان الكاتب عاش في بداية التاريخ الميلادي الا انه يتحدث عن واقعنا المعاش وكأن البشر قالب لايتغير :)
اقتبست منه مقطعين فيما يخص السفر والارتحال (الترجمة للطيب الحصني).
يقول في احدى الرسائل عن السفر كعلاج للسخط:
هل تظن أنك وحدك من مرّ بهذه التجربة؟ هل تتفاجأ، وكأنها أمر جديد، أنه بعد كل هذا السفر الطويل وتغييرات المشهد العديدة، لم تتمكن من التخلص من كآبة وثقل ذهنك؟ أنت بحاجة إلى تغيير في الروح أكثر من تغيير في المناخ. حتى وإن عبرت مساحات شاسعة من البحر، وكما قال فيرجيل: 'الأراضي والمدن تُترك خلفنا'، فإن عيوبك ستتبعك أينما سافرت.
قال سقراط نفس الشيء لأحدهم عندما اشتكى؛ قال: 'لماذا تتعجب من أن السفر حول العالم لا يساعدك، وأنت دائمًا تأخذ نفسك معك؟ السبب الذي دفعك للتجوال يلازمك دائمًا.' ما المتعة في رؤية أراضٍ جديدة؟ أو في استكشاف مدن وأماكن مثيرة؟ كل هذا الضجيج لا فائدة منه. أتسأل لماذا لا يساعدك هذا الهروب؟ لأنه ببساطة، أنت تهرب مع نفسك. يجب عليك أن تضع جانبًا أعباء العقل؛ حتى تفعل ذلك، لن يرضيك أي مكان."
https://en.wikisource.org/wiki/Moral_letters_to_Lucilius/Letter_28
ويقول في مقطعين اخرين تحت رسالة العناية بالصحة والسفر:
"أيّ خير جلبه السفر بحد ذاته لأي أحد؟ لم يضبط يوماً ما شهوة أحدهم، لم يتحكم في مرة بعصبية رجل غضوب أو يُخمد اندفاعات عابثة، بل إنه في الواقع لم يشفِ شخصيةً من ضعفها. لم يمنحنا هبة الحاكمة، ولا وضع نهاية للمواقف الخاطئة. كل ما يفعله هو إبعادنا بعض الشيء، عبر جدّة ما يحيط بنا، كالأطفال المسحورين برؤية شيءٍ لم يصادفوه من قبل."
"السفر لا يجعل الإنسان طيباً أو خاطئاً: ليس ثمّة فنّ واحد يمكن الحصول عليه عبر الوجود في مكان ما بدلاً من آخر. فهل يمكن للحكمة إذاً، وهي أعظم الفنون على الإطلاق، أن تُلتقط في سياق نزهة؟ ثِق بكلامي في هذا الشأن، لا توجد رحلة تستطيع أن تبعد عنك الشهوات، التوترات أو الغضب، أو المخاوف. لو وجدت لانطلق إليها عرق البشر بأسره. ما دمت تحمّل مصادر تعبك معك، ستستمر هذه المتاعب بالتحرش فيك وابتلاعك حيثما تحوّلت على الأرض أو في البحر. هل نجاتك إن أضطر الهروب يفيدك في شيء؟ إن الأشياء التي تهرب منها معك طوال الوقت."
فلم يستحق المشاهدة
All the Beauty and the Bloodshed

فلم وثائقي جميل يتناول حياة ومسيرة المصورة الأمريكية اليهودية نان جولدين ويركز على نضالها ضد عائلة ساكلر، المالكة لشركة "Purdue Pharma" والمتهمة بفضيحة توريط المرضى بادمان ادويتهم في الولايات المتحدة. يستعرض الفيلم نشأتها وحياتها المجنونة والغير مستقرة، وتأثير انتحار شقيقتها على حياتها،، بالإضافة إلى تأسيسها لحركة "P.A.I.N" التي نظمت احتجاجات ضد المتاحف التي تلقت تمويلاً من عائلة ساكلر.
*بالمناسبة، نان جولدن من الفنانين اليهود القلائل الذي وقفوا صراحة ضد المذبحة المستعرة في غزة حاليا
هل ترغب بالاشتراك بنشرتي البريدية؟
إقرأ أيضا

في زحمة الحياة ومطالبها، يتوزع الإنسان بين ما يجب عليه تجاه نفسه، وعائلته، والآخرين.لكن... ما الذي يُبقيك حيًّا حقًا؟ما الذي يمنح كل ذلك الركض بعدًا أعمق، ويمنع الشعلة من الانطفاء وسط رياح الحياة العاتية؟

قرأت ذات مرة عن الوجع الذي قد تسببه "الذكريات الجميلة" وبقدر ما أدركت ذلك من خلال التأثير التي تحدثه فيني مثلا رؤية الصور القديمة لمن أحب. إلا أن الأمر يأخذ تأثيرا آخر عندما تعود بجسدك وحواسك للأماكن القديمة التي سرت فيها. أن تسير وسط اكوام ذكرياتك القديمة، تجربة مميزة ومختلفة. أن تبحث عن أي أثر لنفسك التي كنت يوما.